دليل الفعاليات الثقافية فى مصر

الدليل - تعالى نخرج

«بحيرة البهنسا» الغامضة.. ظاهرة طبيعية أم خطر خفي؟

تصدر خبر ظهور «بحيرة البهنسا» المفاجئ بمحافظة المنيا، التي بلغت مساحتها نحو 35 فدانا، صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، وأثار فضول الجميع، حيث طرح ظهورها العديد من التساؤلات والتكهنات، فالبعض يراها لغزا خفيا، فيما يعتبرها آخرون خطرا حقيقيا، خاصة على منطقة آثار البهنسا التي تبعد عنها مسافة 5 كيلو مترات، فما سر ظهور هذه البحيرة وما قصتها الحقيقية؟

بحيرة البهنسا الساحرة

وسط رمال الصحراء الغربية بمحافظة المنيا، وتحت أشعة الشمس الذهبية، تتلألأ مياه بحير وصفها الأهالي بأنها “بحيرة الأساطير” و”بحيرة البركة”. تقع غرب مدينة البهنسا، مركز بني مزار- المنيا، على بعد مئات الأمتار على جانبي الطريق الصحراوي (الجيزة- الأقصر).

وبمجرد ظهورها المفاجئ، أصبحت مقصدا للكثير من الأهالي الذين يتوافدون لمشاهدتها والتقاط الصور ونسج الحكايات حولها. غير أن حادثة غرق أحد زوارها، وصدور بيان تحذيري من المحافظة بشأن خطورة استخدام مياهها أو السباحة فيها، دق ناقوس الخطر.

نشأة البحيرة

يقول حسن الجلاد، باحث مهتم بتاريخ البهنسا وصاحب كتاب “البهنسا مدينة النور” لـ«باب مصر»: “نشأت البحيرة في منطقة كانت محجرًا للرمال جرى تعميقه باستخدام الحفارات واللوادر لاستخراج الرمال. وهي محاطة بأراض زراعية، وبدأ ظهورها منذ أربعة أعوام. نتيجة تسرب المياه من مناطق مرتفعة إلى هذه المنطقة المنخفضة”.

ويضيف: “تواصلت مع مديرية ري المنيا وكنت ضمن لجنة من خبراء وزارة الزراعة ومركز بحوث المياه بالقاهرة، برئاسة الدكتور صلاح الكرماني، مدير أبحاث المياه، والدكتور سيد عناني من معهد بحوث الصرف. وذلك لفحص البحيرة ومعرفة مصدر مياهها”.

وتابع: “تبين من الفحص أن قاع البحيرة غير منتظم ويصل عمقه إلى 20 مترا. كما أن الطبقة الحجرية تحولت إلى رغوة. ما يؤكد استحالة نجاة أي شخص ينزل إليها من الغرق. وقد حذر مسؤولو مركز بحوث المياه والصرف الزراعي من ذلك”. كما أوضح أن اللجنة أجرت مسحا للخرائط الجوية. وتبين أن المنطقة كانت أرضا منبسطة، وبعد استخدامها كمحجر رمال بدأ تجمعات صغيرة من المياه بالتكون. وخلال أربع سنوات تضخمت حتى وصلت إلى شكلها الحالي.

بحيرة البهنسا.. الصورة من سلامة زهران، مدير آثار بهنسا
بحيرة البهنسا.. الصورة من سلامة زهران، مدير آثار بهنسا
ضرورة السيطرة على البحيرة

بحسب التقرير المبدئي للجنة، فإن مياه البحيرة هي مياه صرف زراعي شديد الملوحة. إذ بلغت نسبة الملوحة 8300 جزء في المليون، وفق نتائج تحاليل مركز البحوث الزراعية بالقاهرة. ويؤكد الجلاد ضرورة السيطرة السريعة على البحيرة. خاصة أنها تبعد نحو 50 مترا فقط عن شريط السكة الحديد الغربي. مما يمثل خطرا كبيرا على مشروع السكة الحديد.

وأشار إلى أن طبيعة أرض البهنسا المرتفعة والمشققة ساعدت على تحريك المياه الجوفية وتجمعها تدريجيا حتى تكونت هذه المساحة الكبيرة.

آثار البهنسا

أثار ظهور البحيرة مخاوف من تأثيرها على المنطقة الأثرية القريبة، لكن سلامة زهران، مدير آثار بهنسا، طمأن في تصريح لـ«باب مصر» قائلا: “المنطقة الأثرية بحالة جيدة وبعيدة عن البحيرة. ولم تتأثر بوجودها. وقد انتهت وزارة السياحة والآثار من ترميم أضرحة شهداء الصحابة والتابعين”. وأوضح أن البهنسا متحف تاريخي مفتوح يضم آثارا من مختلف العصور، بدءا من المصري القديم، مرورا باليوناني والروماني والقبطي، وصولا إلى الإسلامي، حيث تضم مقابر عدد من صحابة الرسول.

وأضاف: “بحيرة البهنسا ليست وليدة اليوم، بل ظهرت منذ سنوات نتيجة تجمع المياه الجوفية ومياه الصرف الزراعي في محجر الرمال القديم. كما أن طبيعة التربة الرملية والطينية ساعدت على تسرب المياه. الجدير بالذكر أن المنطقة تحتوي على العديد من الآبار الجوفية التي استخدمت منذ العصر الروماني”.

 بيان محافظة المنيا

من جانبها، أكدت المهندسة إكرام محمود، رئيس مدينة بني مزار في تصريح خاص لـ«باب مصر» أن الظاهرة طبيعية. وأن ارتفاع نسبة ملوحة مياه البحيرة هو كونها مياه صرف زراعي.

وأضافت أن المحافظة أصدرت بيانًا أوضحت فيه أن البحيرة نتجت عن تسريبات مائية ضمن عملية جيولوجية طبيعية. مشيرة إلى أن ارتفاع الملوحة يجعلها غير صالحة للاستخدام الآدمي أو الحيواني أو الزراعي. كما شددت على أن الموقع يخضع للمتابعة المستمرة بالتنسيق مع الجهات المعنية. وأن الأمر تحت السيطرة ولا يدعو للقلق.

ظهور بحيرات أخرى

أشار الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، عبر صفحته الرسمية في يوليو الماضي، إلى أن بحيرة البهنسا ليست الوحيدة. لافتا إلى وجود بحيرات أخرى في شرق وادي النيل وعلى طريق الشيخ فضل- رأس غارب بقطر حوالي 600 متر.

وأوضح أن مصدر هذه البحيرات هو الصرف الزراعي الناتج عن الري بالغمر باستخدام المياه الجوفية من خزان الحجر الجيري غرب النيل. وأضاف أنها ليست بحيرة واحدة بل مجموعة بحيرات بدأت في التكون نتيجة للنشاط الزراعي الأهلي غير المخطط منذ عام 2016 وحتى الآن. مشيرا إلى أن حجم المياه يتزايد يوما بعد يوم مع زيادة المساحات الزراعية. وهو ما يظهر جليا في الأقمار الصناعية.

وأضاف أن أماكن البحيرات هي مناطق عميقة ناتجة عن تجريفها كمحاجر رملية، تسربت إليها مياه الصرف الزراعي فكونت بحيرات يزداد عمقها وملوحتها مع مرور الأيام. وهي غير صالحة للشرب أو الزراعة. وأشار إلى أن زيادة الملوحة ترجع إلى غسل التربة الزراعية، مؤكدا أنه رغم أن النشاط الزراعي في هذه المناطق الجديدة يعد أمرا مفرحا وجميلا. إلا أنه يحتاج إلى تخطيط ورعاية ومساندة الجهات المختصة، فضلا عن تنظيم حفر الآبار واستخدام طرق الري الحديثة من أجل التنمية المستدامة.

اقرأ أيضًا:

حسن ونعيمة وألمظ وعبده أفندي: «المنيا» تُحيي «المولد» بعرائس الحكايات الشعبية

زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر
إغلاق

Please disable Ad blocker temporarily

Please disable Ad blocker temporarily. من فضلك اوقف مانع الاعلانات مؤقتا.