صور| ابني ورفيق دربي.. رحلة “عم صابر المصري” مع الأراجوز

يخرج لنا من وراء مربع خشبي، بصوت رنان لا نرى من ملامح عارضه شيئًا، ولكن نستطيع أن نتعرف على شخصيته، فهو مبهج يبث السعادة في صدر الصغار والكبار، صادق في تعبيراته التي يقع صداه على القلب قبل العقل، ومعلم تربوي يسعى إلى نشر تعاليم الأخلاق والمبادئ من خلال ما يقدمه، غير مكلف وبسيط فمتى ما أردت مشاهدته تجده، مؤثر فلن تستطع أن تنسى ما يعرضه لك، إنه “الأراجوز”.

“الأراجواز” هذا الفن الشعبي الذي يُقدم عبر شخصيات ذات مقام عالي بمهنتهم التي تعتبر من المهن السهلة الممتنعة، لنتعرف على أقدم صانع أراجوز في مصر “صابر المصري”.

 

مولد إمبابة

على الرغم من كبر سن عم صابر المصري، ذات 78 عامًا، ووهن جسده إلا أن روح الأطفال التي تعامل معهم خلال 55 عامًا مضت تطفو على ملامح وجهه البريئة وضحكته الطفولية، ليحكي لنا عن البدايات مع “الأراجوز” رفيق رحلته في الحياة، قائلًا، “أنا من مواليد إمبابة، وكان هناك مولد بجوار بيتي، ويضم مراجيح ولعب أطفال ومغنين ومسرح والأراجوز، والذي أحببته كثيرًا من العروض فقررت أن أعيش مع عارضيه وأتعلم منهم، وطلبت اشتغل معاهم وكنت بخدم العمال وفي نفس الوقت اتعلم، معرفًا “الأراجوز” بأنه فن قديم الأزل من أيام محمود شكوكو وصنع منه أفلام كالوحي والزوجة الثانية”.

“نعمتله العجمي” كان ملك الأراجوز حينها والذي تعلم علي يده عم صابر أصول المهنة وقواعدها، موضحًا أنه استمر 10 سنوات مع العجمي ليتعرف على الأراجوز عن قرب “حركاته وطريقته وأسراره” هكذا يوصف عم صابر.

شارع محمد علي

من المولد المزدحم بأشكال وأنواع من الفنون إلى الاحتراف بشارع محمد علي، ليوضح لنا “المصري” قائلًا، “تمكنت من مهنتي فأردت أن أطور من نفسي بنفسي فانتقلت ومعي الأراجوز إلى شارع محمد علي، وهنا عملت بقهوة تجارة والتي من خلالها تعرف على فنانين في عالم الأراجوز، لأقدم عروض في أعياد ميلاد والنوادي والفنادق، وغيره من المناسبات السعيدة”، مشيرًا إلى أنه استمر في شارع محمد علي حوالي 15 عامًا إلى أن انتقل للمرحلة الثالثة.

“بيت السحيمي” هي المرحلة الثالثة في رحلة عم صابر مع الأراجوز، مضيفًا، “أنه من خلال قهوة تجارة تعرف على الدكتور نبيل بهجت، والذي طلب منه تعليم شباب من مسرح الجامعة فن الأراجوز وخيال الظل، والذي كاد أن ينقرض من الفن الشعبي، ليطلب “المصري” مقابلة الشباب أولًا لتقييم مدى رغبتهم في التعلم، مشيرًا إلى أن مهنة الأراجوز بسيطة ولكن تحتاج إلى من يحبها ويرغب بها لتحبه “هي زي العروسة والعريس” على حد وصفه.

الدولية

هنا بدأ عم صابر يخرج من الإطار المحلي إلى الدولي من خلال سفره مع فرقة “ومضة” التابعة لدكتور نبيل بهجت إلى عدد من الدول، مشيرًا إلى ترحيب الأطفال والكبار وتعلقهم الشديد بالأراجوز في هذه الدول كالأمارات وتونس والبحرين، ليعرف العم مدى أهمية ومكانة الأراجوز في العالم.

“الجلباب والطرطور الأحمر والزماره” هي مكونات الأراجوز ليوضح صابر بأن “الزماره” قديمًا كان يطلق عليها الأمانة، وهي عبارة عن قطعتين نحاس يتم صنعها بطريقة معينة حتى تصدر الصوت المعتاد عليه من الأراجوز، مؤكدًا أن نمر الأراجوز 14 فصل ولكن الفنان المبدع هو من يستطع أن يخرج من الفصل قصة و رواية جديدة.

دقة الألفاظ

يعبر “المصري” عن مدى سعادته بهذه المرحلة، والتي ساعدت على بقاء على هذا الفن الشعبي وانتشاره، خاصة وأن العرض يقدم بشكل أسبوعي ويحضره أكثر من 400 طفل.

“تكمن أهمية الأراجوز وصعوبته في نفس الوقت في كونه يتعامل مع فئة الأكثر خطورة وهي الأطفال، بحيث يتطلب من مقدمه الدقة في العرض والحفاظ على الألفاظ، خاصة وأن الأطفال يتعلق بأذهانهم كل ما يقدمه الأراجوز من الحكايات التي تتنوع من أخلاق وقيم في التعامل مع الوالدين والأصدقاء وبالمدرسة وبالمنزل، لذا فهو سهل ممتنع” هكذا يوضح المصري.

سن التقاعد

“أبنى اللي ماستغناش عنه” هكذا أوضح صابر علاقته بالأراجوز فيقول، “لم استطع أن اترك الأراجوز أو أتخيل أنني لن أعمل فيه، فهو ابني، جزء مني وأنا جزء منه”، مؤكدًا أنه يربط ضحكته وفرحه بضحكة الأطفال وسعادتهم.

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر