في ذكراه: هل كان نجيب محفوظ عقبة في طريق الرواية العربية؟

تمر اليوم الذكرى الـ17 على رحيل الأديب العالمي نجيب محفوظ (1911-2006)، وهو أول أديب عربي حائز على جائزة نوبل في الأدب، كما ترجمت رواياته إلى عدة لغات، ويعد محفوظ أكثر أديب عربي نقلت أعماله إلى السينما والتلفزيون.. هنا ننشر واحدة من معاركه المنسية حول الرواية العربية.

فتحي غانم يهاجم طه حسين

في السابع من يوليو 1954 بدأ فتحي غانم في كتابة سلسلة مقالات في مجلة آخر ساعة بعنوان: “طه حسين عقبة ضخمة في طريق القصة”. حملت المقالات سلسلة من النقد الشديد على عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين، خصوصا أنها صادرة من أحد شباب النقاد في ذلك الوقت وهو فتحي غانم.

كتب غانم: “لا أريد أن أزعج أحد ولكني أقول وأنا أؤمن بما أقول أن الدكتور طه حسين لا يعرف كيف تكتب القصة القصيرة. وهذه حقيقة يجب إعلانها وتوضيحها لأن لطه حسين تأثيرا قويا عميقا في كل من عالج الأدب في مختلف صوره وألوانه في مصر. ولو ظل كتاب القصة القصيرة متأثرين بأسلوب طه حسين وبطريقته في كتابة القصة. كما كتبها في المعذبين في الأرض مثلا لتأخر ذوقنا الأدبي ووعينا الفني ولما تمكنا من أن نقدم للقراء فنا قصصيا سليما على الإطلاق”.

ثم يستمر غانم في كتابة نقده الشديد للدكتور طه حسين، ويضرب مثالا بقصة المعذبين في الأرض. وكيف أن الطفل صالح قد انتحر في القصة ويتساءل فتحي غانم هل يمكن لطفل أن ينتحر. ويجيب غانم أنه سأل علماء النفس وأجابوا بالنفي فيختتم فتحي غانم أولى مقالاته قائلا: “إن طه حسين مسئول بمثل هذا القصص عن نكبة مصر في كتابة القصة وهو مسئول بلغته عن بعد قصصنا عن الواقع الحي”.

مقال فتحي غانم
مقال فتحي غانم
رد طه حسين

لم يكن طه حسين وقتها في مصر، ولذلك تأخر عن الرد على مقالات فتحي غانم. وعندما عاد في شهر سبتمبر 1954 بدأ يكتب ويرد على فتحي غانم في جريدة الجمهورية. وقد ضرب مثالا في التواضع يحتذي به فقد كان طه حسين وقتها في قمة مجده وهو يواجه شابا في الثلاثين من عمره في مقتبل حياته الصحفية والأدبية.

فكتب طه حسين: “أحب أن أرضي هؤلاء الأدباء الكرام من شبابنا فأؤكد لهم مخلصا أني لم أعتقد قط أني كاتب مجيد. ولم أصدق قط أني أديب ممتاز ولم أفهم قط هذا اللقب الذي أهدى إليَ فجأة ومن غير وجه وعلى غير تواطؤ من الذين أهدوه إليّ فسموني عميد الأدب العربي.. “.

ثم يكتب طه حسين: “ما أريد أن أكون عقبة في سبيل أحد ولكني أحب أن يعلمني هؤلاء الأدباء كيف أزيل هذه العقبة من سبيلهم وكيف ألغيها من طريقهم إلغاء؟ أيكون ذلك بالإعراض عن الكتابة وبالتزام الصمت؟ ومن الذي يملك أن يكره إنسانا على الصمت أو يحجر عليه في الكتابة؟ أيكون ذلك باستصدار قانون يحيل الكتاب على المعاش إذا بلغوا سنا بعينها ولتكن سن الستين مثلا؟ ولكن ما ذنب كتاب آخرين ليسوا عقبة في سبيل القصة وليسوا عقبة في سبيل شيء ولا في سبيل إنسان؟ ما ذنب هؤلاء الكتاب وما ذنب قرائهم الذين يرونهم بالحب ويقرأون لهم مشغوفين به حرصا عليه؟ أم يكون هذا بمنع القراء من قراءة ما أكتب ليخلوا لهؤلاء الأدباء وجوه القراء؟”.

رجاء النقاش يكتب هل نجيب محفوظ عقبة؟

بعد مرور أربعة عشر عاما على معركة فتحي غانم وطه حسين. أعاد الناقد الكبير رجاء النقاش هذه المعركة مرة أخرى للأذهان. بعد أن كتب مقالا في مجلة المصور في أكتوبر 1968 بعنوان “هل أصبح نجيب محفوظ عقبة في طريق الرواية العربية؟”.

بدأ رجاء النقاش بالحديث عن ظاهرتين في الأدب، وهما ظاهرة الأديب الأوحد والثانية هي ظاهرة وجود مجموعة من العمالقة في منافسة بينهم. ضرب مثالا بالظاهرة الأولى وهو شكسبير فكتب: “عندما يظهر فنان كبير في أدب من الآداب العالمية يكون هناك على الدوام نوع من الخطر الفني يجب التنبيه إليه. فمن الممكن أن يحجب هذا الفنان الكبير كل من حوله من نشاط فني آخر ويعوقه عن الاستمرار. فعندما ظهر شكسبير في أواخر القرن السادس عشر في المسرح الإنجليزي تضاءلت أحجام الفنانين الذين عاشوا في عصره، بحيث أصبح هذا العصر هو عصر شكسبير وحده.

أما الظاهرة الثانية وهي وجود جماعة من العمالقة ضرب مثالا بفلوبير وبلزاك وإميل زولا وهوجو ولامارتين وبودلير. وكلهم ظهروا في فترات متقاربة دون أن يستطيع واحد منهم أن يضع زملاءه في الظل وكذلك دستوفيكسي وجوجول وتشيكوف لم يستطع واحد منهم أن يضعف صوت الآخرين أو يقضي عليه”.

مخاوف رجاء النقاش

ويتابع رجاء النقاش مخاوفه فيكتب: “ولكنني أخشى بالنسبة لأدبنا العربي وللرواية العربية على وجه الخصوص أن يضعنا نجيب محفوظ في الموضع الأول. فيفرض ظله على كل من حوله وتصبح هذه المرحلة هي مرحلة نجيب محفوظ في الأدب العربي ومرحلة نجيب محفوظ وحده. فلقد أصبح نجيب محفوظ بالنسبة للجيل الجديد حقيقة أدبية صلبة. وأخشى أن أقول إنه أصبح حقيقة مخيفة وأصبح الكثيرون من أبناء الجيل الجديد يبتعدون عن ميدان الرواية. على أساس أنهم لن يستطيعوا أن يقدموا أفضل مما قدم نجيب محفوظ. أما إذا غامر أحدهم فكتب رواية فهو لا يستطيع أن يفلت من تأثير نجيب محفوظ. والنتيجة هي أن يقدم عملا فنيا لا يعدوا أن يكون تقليدا ضعيفا لفن نجيب محفوظ.

وإذا استمرت هذه الظاهرة على وضعها الراهن فمعنى هذا أن نجيب محفوظ يكون قد قضى – دون أن يقصد طبعا- على فن الرواية العربية. ويكون علينا بعد ذلك أن ننتظر عشرات السنين. وبعبارة أخرى علينا أن ننتظر جيلا أدبيا أو جيلين حتى يتحرك فن الرواية في طريق آخر غير طريق نجيب محفوظ. بعد أن أصبح نجيب محفوظ بهذه الطريقة ديكتاتورا روائيا لا يستطيع أحد أن يتجاوزه أو يقترب من ميدانه”.

الطيب صالح وسمير ندا

يضرب النقاش مثالا على صحة طرحه بالروائي السوداني الطيب صالح. وكان رجاء النقاش قد كتب عن روايته “موسم الهجرة إلى الشمال” مقالا قال فيه: “إن الطيب يثبت بهذه الرواية أنه عبقرية روائية جديدة. وبالإمكان أن نضع روايته إلى جانب أفضل الروايات العالمية فنا وعمقا ومتعة”.

وبعد أن كتب النقاش مقاله عن الطيب صالح، أرسل أحد أصدقائه المقال إلى الطيب صالح على عنوانه في لندن. وإذا بالطيب صالح يرد على الصديق تعليقا على وصفه بأنه عبقرية روائية فيقول: “عبقرية من؟ هو فيه عبقري غير نجيب محفوظ!”.

وشعر رجاء النقاش أن موقف الطيب صالح ليس مجرد موقف متواضع ولكن هناك ما يشبه العائق الفني الضخم أمامه. وهذا العائق يتمثل في شخصية نجيب محفوظ الأدبية، بل وصف النقاش شعور الطيب صالح أنه متردد وخائف. بل ويقف مرعوب من شبح العملاق الذي يقف أمامه وهو نجيب محفوظ وأن نجيب يبدو أمام الجيل الجديد من الكتاب الروائيين عملاقا. لا يمكن أن يتجاوزه أحد ولا يمكن أن يصل أحد إلى مستواه.

ثم يضرب رجاء النقاش مثالا آخر وهو الأديب الشاب سمير ندا وروايته “الشفق”. فيقول: “روايته تعتبر نموذجا للتأثر بنجيب محفوظ تأثرا فنيا شديد الضرر والخطورة. لقد جاءت الرواية عملا فنيا مهلهلا لأنها لا تعدو أن تكون أصداء بعيدة لصوت نجيب محفوظ في رواياته الأخيرة اللص والكلاب وثرثرة على النيل والشحاذ. فالكاتب يكرر بعض شخصيات نجيب محفوظ، أما الحوار فهو نسخة بالكربون السيئ من بعض صفحات نجيب محفوظ في رواياته الأخيرة”.

الثورة الخلاقة على نجيب محفوظ

ثم يأتي رجاء النقاش بالحل من وجهة نظره للخروج من أزمة نجيب محفوظ فيقول: “فرصة الرواية العربية للخروج من أزمتها الحالية هي فتح طريق جديد خاصة للروائيين الشبان غير طريق نجيب محفوظ. وأعتقد أن نجيب محفوظ بأصالته وصدقه هو أول من يرحب بهذه الثورة الفنية السليمة الخلاقة. وعلى الروائيين الشباب أن يبدأوا في الثورة والتمرد على الأب حتى يكون لهم صوتهم الخاص وحتى تكون لهم رؤيتهم الخاصة لأمور الفن والحياة. وكما يقال لا أحد يحب أن تكون أحسن منه إلا أبوك”.

مقال صالح مرسي
مقال صالح مرسي
إلى النقاد الذين لا يقرأون

أثار مقال رجاء النقاش جدلا واسعا. وكتب صالح مرسي مقالا في مجلة صباح الخير في العدد الصادر يوم 28 أكتوبر 1968 بعنوان: “إلى النقاد الذين لا يقرأون.. نجيب محفوظ ليس عقبة”. انتقد مرسي رأي النقاش واعتبره أنه رأي لناقد لا يقرأ الإنتاج الروائي بانتظام ولذلك كلامه يختلف كثيرا عن الواقع.

فكتب صالح مرسي: “اعتبر نفسي ابنا شرعيا لنجيب محفوظ، وإذا كانت روايتي الأولى تحمل اسما يكاد يكون مقتبسا من عنوان “زقاق المدق” إحدى خوالد نجيب محفوظ. وإذا كنت أعتبر أن تأثير نجيب محفوظ قد امتد إلي شخصيا وامتد إلى غيري من جيلي بالضرورة. إلا أن التأثير شيء وما يقوله رجاء النقاش شيء آخر يختلف عن الواقع”.

النقاد هم العقبة الحقيقية

كان رأي صالح مرسي هو أن الحقيقة التي لا يستطيع رجاء النقاش أن يغفلها هي أن العقبة الحقيقية في طريق الرواية المصرية والعربية هم النقاد أولا ورجاء واحد من هؤلاء النقاد. وأن الذي دفع رجاء النقاش إلى كتابة هذا المقال الغريب هو أنه – رجاء- لا يقرأ الإنتاج الروائي بانتظام.

ويضيف صالح مرسي قائلا: “أني أستطيع أن أقول أن رجاء النقاش مع غيره من أباطرة النقد في مصر لا يكلفون خاطرهم لفتح أغلفة كتب تهدى إليهم ليقولوا فيها كلمتهم ولو مشافهة. وأنهم بالتالي لا يدفعون قرشا لشراء كتاب لكاتب جديد”.

ويستطرد: “إن حكمي هذا ليس حكما متسرعا، لكنه حكم موضوعي مبني على تجربة ذاتية تركت في حلقي مع المر الذي تركه النقاد عسلا صبته في وجداني كلمات نجيب محفوظ نفسه. بل وكلمات عملاق آخر هو أستاذنا العظيم توفيق الحكيم. أن الرواية المصرية لجيلنا استطاعت أن تستخلص لنفسها طريقها الخاص. وإذا أراد رجاء النقاش أمثله على ما أقول فما عليه إلا أن يعود إلى ركام الكتب الملقاة في إهمال داخل مكتبه أو في ركن مكتبه، إن لم يكن قد ألقاها في سلال مهملاته”.

أمثلة لإصدارات الشباب

وبدأ مرسي في عرض أمثلة عديدة للإنتاج الغزير لشباب الكتاب. فيسأل رجاء النقاش: “هل قرأ رواية اسمها الأرض لكاتب عظيم اسمه الشرقاوي؟ هل قرأ روايات يوسف إدريس أو روايات فتحي غانم ومصطفى محمود؟ أو لشوقي عبدالحكيم أو عبدالله الطوخي؟ هل قرأ لصبري موسى؟ وهل قرأ لكاتب هذه السطور؟ وماذا قرأ من روايات الجيل الذي ينشأ اليوم مثل هاشم الشريف ومجيد طوبيا وغيرهم”.

ويختتم صالح مرسي مقاله بأعنف كلمات يمكن أن توجه إلى ناقد وستكون لتلك الكلمات رد فعل عنيف فيما بعد. فكتب: “نجيب محفوظ يا عزيزي رجاء ليس عقبة. بل العقبة تكمن في ذلك المرض الغريب المستفز الذي يصاب به كل من أمسك القلم ليكتب نقدا. حتى ولو بدأ بداية تجعل منه أملا، فإن المرض يحوله في النهاية إلى ناقد تقليدي يسقطه الفنان من حساباته. لأن الفنان بحق يعلم علم اليقين أن الزمن هو الناقد الحقيقي. وليس حبرا يرص على ورق ليقول كلاما جارحا متجنيا مستفزا لا أساس له من الصحة، ذلك المرض يسمونه الأستذة”.

رجاء يصف كتابات صالح مرسي بالتافهة

في العدد التالي من مجلة المصور جاء رد رجاء النقاش على مقال صالح مرسي بمقال عنيف لم يزعج صالح مرسي فقط. لكنه أزعج نجيب محفوظ نفسه كما سنرى بعد قليل. فقد فسَر رجاء النقاش حديث صالح مرسي عنه على أنه غضب ذاتي لأن النقاش لم يكتب عنه من قبل. وأجاب رجاء على سؤال صالح مرسي أن كان قد قرأ لبعض الأسماء التي ظهرت بعد نجيب محفوظ. فأجاب بأنه قرأ لهم جميعا وكتب عنهم جميعا أيضا إلا اسما واحد هو صالح مرسي لأن أعماله تافهة لا تستحق الكتابة عنها.

فيكتب صالح مرسي مقالا أخيرا في معركته مع رجاء النقاش بنفس عنوان المقال الأول: “إلى النقاد الذين لا يقرأون” وينشره في صباح الخير. ويذكر كيف يناقض النقاش نفسه حين يصف كتابات الشباب بالعظيمة والهامة. مثل روايات فتحي غانم ويوسف إدريس وفي نفس الوقت كان يقلل من أهميتها في مقاله الأول.

ويضيف مرسي قائلا: “لن أخوض معه في حديث خاص بشخصي وبما قرأه لي ومهما كان رأيه فهو رأي علينا واجب احترامه مهما اختلفنا معه. ومهما اختلفت معه أقلام شرفتني بالكتابة عني كالمرحوم الدكتور مندور والدكاترة لطيفة الزيات ورشاد رشدي ومحمود العالم. وفاطمة مرسي ويوسف إدريس وعبدالقادر القط ويوسف الشاروني. ومن هنا تتضح لنا حقيقة واحدة هي أن رجاء النقاش ترك القضية الموضوعية إلى قضية ذاتية أساسها أنا وهو”.

نجيب محفوظ يدخل المعركة

كان لابد أن يستمع القارئ لصوت نجيب محفوظ في هذه المعركة وهذا ما فعله رجاء النقاش عندما ذهب إلى مكتب نجيب محفوظ في قصر عائشة فهمي. وكان نجيب في ذلك الحين مستشارا فنيا لوزير الثقافة الدكتور ثروت عكاشة. بدأت المناقشة بعتاب من نجيب إلى رجاء النقاش بسبب كلماته القاسية في حق صالح مرسي.

وقال له: “لم أتعود أن اقرأ لك كلمات قاسية ولقد كان مقالك الأخير عنيفا وما كنت أود منك أن تقف هذا الموقف”. ويضيف نجيب محفوظ ردا على مقال النقاش: “من حيث الإنتاج الروائي لا توجد أزمة في الرواية العربية. وإذا كان هنا كأزمة فهي أزمة في الكيف لا في الكم وهذا متروك للنقاد ليحكموا عليه بوضوح ودقة. ولكنني أحب أن أناقشك من خلال مقالك الأخير. فلقد أحسست من مقالك أنك تنتظر من الأديب الشاب أن تكون روايته الأولى متقدمة فنيا وفكريا عن كل ما سبقه من إنتاج روائي. حتى تكون في حساب مقاييسك عملا فنيا ناضجا. ومثل هذه القاعدة تصح في التكنولوجيا ولا تصح في الفن. في الفن المسألة تختلف فيكفي أن نقارن العمل الأول للأديب الجديد بالأعمال الأولى للكتاب الذين سبقوه. فإذا سجل تفوقا على هذه الأعمال الأولى كان له الحق في أن يلفت نظرنا. أما أن نقارن الأديب الناشئ بكبار الأدباء فهذا مطلب عسير وغير سليم”.

ويسأله رجاء النقاش ألا توافق على الفكرة التي أثرتها. وهي أنك بمركزك الأدبي والفني على قمة الرواية أصبحت عقبة في طريق الرواية وخاصة عند بعض أبناء الجيل الجديد؟

قال نجيب: إنني لا أوافقك على القضية كما طرحتها، بل أختلف معك في ذلك. فالكاتب في اعتقادي لا يمكن أن يكون عائقا للذين يأتون بعده لأنهم أصحاب تجربة خاصة مختلفة ورؤية مستقبلية. بينما يمكن أن يكون عقبة في طريق أبناء جيله أو في طريق الذين سبقوه. مثلا قد يفكر أحد أبناء جيلي أن يكتب عن تجربة مشابهة لتجربتي في الثلاثية. ولكنه عندما يجدني قد سيقته إلى ذلك فإنه يشعر بنوع من المصادرة. وبذلك أكون قد أثرت عليه وعقت مشروعا فنيا من مشروعاته وأسارع فأقول لك أن هذا لم يحدث بالنسبة لأبناء جيلي لحسن الحظ.

نجيب محفوظ: ودعت الرواية منذ كتابة الثلاثية

يقول نجيب محفوظ في حديثه مع النقاش: “رغم أن الواقع الأدبي الآن عندنا يسجل استمرار الإنتاج الأدبي. بل وغزارته فإن لي رأيا شخصيا في مشكلة الرواية. هذا الرأي هو أنني أعتقد أن الوقت الراهن غير مناسب لفن الرواية على الإطلاق. وبالنسبة لي فإنني أعتقد أن ما أكتبه ليس رواية وإنما هو شيء آخر. لقد ودعت الرواية بعد الثلاثية وأنا الآن أكتب شيئا هو ما يسميه الإنجليز نوفيليت وأفضل ترجمة لهذه الكلمة هي “قصة”.

النقاش يتذكر المعركة بعد سنوات

وبعد سنوات طويلة من هذه المعركة يصدر الأستاذ رجاء النقاش كتابه “في حب نجيب محفوظ” عام 1995. ويتجاهل ذكر اسم صالح مرسي ويرفض نشر المقال الذي هاجمه فيه ضمن وثائق المعركة. معلقا في هامش الكتاب: “ظهرت عدة تعليقات على المقال بأقلام بعض الروائيين الشباب هاجموني فيها. فرددت عليهم بمقال عنيف ولم أرغب في أن أضم مقالي إلى هذا الكتاب”.

اقرأ أيضا:

عن الأيام الحلوة.. والأيام السوداء في حياة نجيب محفوظ

للاشتراك في خدمة باب مصر البريدية اضغط على الرابط التالي:

Babmsr Newsletter

النشرة الإخبارية الشهرية
مشاركة
زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر