الحنين للماضي يعود بشاب مطروح لهواية اقتناء الخيل وأحلام الفروسية
تشهد محافظة مطروح، ظاهرة انتشار هواية اقتناء الخيل بين الشباب، بعد أن أوشكت على الانقراض، عدد من هواة الخيل، والفرسان المحترفين في المجال، تحدثوا إلينا للتعرف على هذه الظاهرة ومستقبلها.
الحنين للماضي والتماس البركة
قال أسامة باسط القطعاني، رجل أعمال، ومهتم بالخيل، إن الحصان يعتبر أحد المكونات الرئيسية في حياة البدو وسكان الصحراء، والحصان رفيق للبدوي، في حله وترحاله وفي وقت السلم والحرب.
وكان آخر عهد البادية والبدو بالخيول كوسيلة حرب كان في معركة وادي ماجد عام 1915 التي انتصر فيها أبناء القبائل على القوات الإنجليزية، وكانت الخيل هي عنصر المفاجئة والنصر، على المعدات العسكرية من سيارات ومدرعات، فقد نجحت الخيل في التعامل مع طبيعة الأرض الوعرة التي تعرفها جيدا، في حين فشلت الآليات الحديثة.
كما أن آخر عهد البادية والبدو بالخيل كوسيلة نقل ومواصلات، كان مع دخول عناصر المدنية الحديثة، بما فيها وسائل النقل والمواصلات، من درجات هوائية ونارية، وسيارات، وقطارات، مخاصة بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى، والتي زادت بدخول محافظة مطروح ضمن نظام الحكم المحلي عام 1962.
ويضيف اسامة القطعاني، أن الحنين إلى الماضي، هو الدافع لجذب الكثيرين من شباب البدو و معهم شباب من الحضر نحو إحياء هذه الرياضة.
وأرجع القطعاني، إن هوايته للخيل لاعتقاده في أنها مصدر للبركة في الرزق، وسعة الحال، تصديقا لما ورد في القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة في فضائل الخيل، وأجر من يكرمها ويعتني بها.
ويؤكد القطعاني أنه تأكد من تلك الحقيقة بتجربة شخصية له، حيث أنه بعدما اشترى حصانا عرضه عليه أحد أصدقائه، شهد نشاطه التجاري تحسنا كبيرا وزادت ارباحه، حتى أنه رفض بيع هذا الحصان الذي يسميه “زلزال”، رغم أن هناك عروضا كثيرة من آخرين لشرائه بأسعار خيالية.
الزحف العمراني والمدنية
ويضيف الحاج سلطان بو ظاوة العشيبي، أنه من اسرة تتوارث الاهتمام بالخيل ابا عن جد، ورغم انتهاء عصر الخيل كعنصر من عناصر حياة البدو اليومية، فقد ظلت أسرته تحتفظ بتربية الخيول على سبيل الهواية.
ويؤكد أن رياضة الفروسية تنقرض في بوادي مطروح، بسبب الزحف العمراني، و الحضري وندرة اقتناء الخيل الذي كان لا يخلو منه بيت في البادية في الأزمان القديمة بعد دخول السيارة و الجرار كمنافس للخيل وبديل عنها في حياة الناس .
ويعتبر بو ظاوة، أن عودة الخيول للظهور في حياة الناس، واهتمام الشباب بها، ولو على سبيل الهواية، تعتبر ظاهرة جيدة يجب رعايتها، وتنميتها، وتوفير سبل الرعاية لها، حتى لا تنقرض نهائيا.
الارتباط الفطري بين البدوي والخيل
ويستكمل أحمد الحفيان المحامي، وأحد هواة تربية الخيول، أن سبب هوايته لتربية الخيول ترجع لأنه ولد في بيت بدوي، وكان أجداده يهتمون تربية الخيل ويحرصون على اقتناء أفضل السلالات منها.
ويضيف الحفيان، أنه ليس شرطا أن من يربي الخيل يركبها دائما، وأن عودة الشباب لهذه الهواية يرجع لكونها من الموروثات الثقافية، والتراثية ويوجد فطري كامن في نفوس البدو لحب هذه الهواية.
ويؤكد أحمد الحفيان، أنه لم يتخل أهل البادية عن هذه الهواية بالكلية، وإنما تقلصت بسبب توافر وسيلة المواصلات، وحياة المدينة، وعدم وجود اهتمام من الدولة بها، وصعوبة أحوال المعيشة، فتجد غير القادر على اقتناء الخيل عندما يشاهد حصان أصيل، يقف ليتتبعه ببصره وعلامات الإنشراح تظهر عليه.
مستقبل الفروسية وهواية الخيول في مطروح
التقينا الفارس رزق عبيد القطعاني، عضو لجنة الفروسية بجمعية أبناء القبائل، للتعرف على أبعاد، ومستقبل ظاهرة انتشار هواية تربية الخيل، حيث تشكلت على يديه، نواة لجيل جديد من الفرسان تضم حوالي 40 فارس في محيط مدينة مرسى مطروح، وحوالي 150 فارس في أنحاء المحافظة من الحمام إلى السلوم.
ويقول رزق، إن هؤلاء الشباب جمعهم حب الخيل، ثم جاء التعارف بينهم من خلال دعوات المحافظة لكل من لديه خيل، ويجيد ركوبه للمشاركة في احتفالات العيد القومي، بداية من عام 2012، وما بعدها.
لجنة الفروسية نواة لنادي فرسان
ثم جاءت خطوة إنشاء جمعية “أبناء القبائل” التي أنشأت بداخلها لجنة للفروسية ضمت في عضويتها 40 فارس ينشط بينهم الفارس عطية جبران الشهير بشريف العشيبي والفارس رزق عبيد يونس القطعاني و الفارس محمد علوش أمين صندوق الجمعية والمسؤول الإداري للجنة الفرسان بالجمعية.
ويحلم فرسان مطروح بإنشاء نادي فروسية، يتيح لهم تنمية هذه الهواية، والتوسع فيها على أسس علمية ورياضية، وقد جاءت بشائر تحقق هذا الحلم بالوعد الذي أطلقه اللواء علاء أبو زيد، محافظ مطروح، بإنشاء نادي للفروسية بمطروح، وذلك أثناء احتفالية افتتاح مهرجان فنون البادية يوم 25 ديسمبر الماضي.
تعليق واحد