"التقشيطة" و"القصابية" و"الجلباب" الصعيدي.. تعددت الأسماء والأصل واحد

كتب: عصمت توفيق

في الصعيد يرتدي الناس في فصل الصيف ثوب رقيق من قماش خفيف، قريب الشبه بالزي الفرعوني، ويطلق عليه أسماء عدة، فأبناء النوبة يطلقون عليها اسم “العراقي” ، كما يسميها بعض قبائل أسوان باسم التقشيطة أو القميص، وفي الأقصر وقنا يسمونها “القصابية”.
يقول عبدالمنعم عبدالعظيم، مدير مركز الحفاظ على تراث الصعيد بالأقصر، إن المواطن الصعيدي يحرص علي ارتداء جلباب أنيق في المناسبات المختلفة، وبعضهم يضع على كتفيه جلباب آخر كنوع من الوجاهة الاجتماعية وإظهار الثراء، وفي بعض الأحيان يضع الجلباب الثاني فوق رأسه لاتقاء الحر خلال فصل الصيف.

القشيطة

ويضيف أن زي السيدات في فصل الصيف بصعيد مصر يكون عبارة عن الجبة والقناع، تحتها ملابس خفيفة من القماش الخفيف مثل الدبلان، بخلاف زي الشتاء الذي تحرص فيه نساء الصعيد علي ارتداء القماش القطيفة.
ويشير إلى أن ارتداء الحذاء في فصل الصيف ليس مرغوبًا فيه خلال فصل بالنسبة لكثير من المزارعين، بسبب ارتفاع درجة الحرارة، لذلك يرتدون الخف، بالإضافة إلى ارتداء عمة خفيفة أو طاقية فقط أثناء العمل حتي لا تسقط من فوق رأسه اثناء الحركة .

الجلباب الأزرق أو التقشيطة

ويقول الروائي أحمد أبوخنيجر إن المزارع في صعيد مصر يحرص خلال فصل الصيف على أن يكون تصميم ملابس متوافق مع الاحتياج الوظيفي، فهو يحرص مثلًا على ارتداء القميص أو الجلباب الأزرق أثناء عمله في الزراعة، حتى يمتص العرق ويعكس جزءًا كبيرًا من الحرارة، ولا يظهر عليه الاتساخ، وفي نفس الوقت يكون هذا القميص الأزرق واسعًا للغاية، حتى يمنحه سهولة في الحركة أثناء العمل.

ويوضح أن الجلباب الأزرق له عدة استخدامات مختلفة لدى المزارع، لأنه يستطيع أن يرفع هذا الجلباب ويربطه في وسطه، ويستخدمه أيضًا في وضع الخضراوات أو الثمار التي يجنيها أو يقطفها، كما أنه يضع أيضًا داخل حجر الجلباب الأسمدة أو البذور، التي يضعها في الأرض.

الصديري أو التقشيطة

ويضيف أبوخنيجر أن الصديري لا غنى عنه لدى المزارع أو المواطن في الصعيد خلال فصل الصيف أو الشتاء، ويوضع داخله احتياجاته الأساسية مثل: الدخان أو حافظة النقود…
ويشير إلى أن زي السيدات في المنازل خلال فصل الصيف يكون خفيف وواسع، ليساعدها على الحركة، وحينما تذهب خارج المنزل، فإنها ترتدي جلباب أسود.
ويضيف أن الكثير من أبناء الصعيد يفضلون ارتداء الملابس الداكنة في فصل الصيف لأنها تمنح الوقار، وتصلح لكافة المناسبات سواء كانت فرح أو حزن.

العراقي أو التقشيطة

يقول عوض هدل، رئيس جمعية العبابدة والبشارية في أسوان، إن “العراقي” نسبة إلى العرق، وهو القاسم المشترك للكثير من قبائل أسوان والصعيد في فصل الصيف، وهو عبارة عن جلباب خفيف وقصير من قماش يسمى “رمش العين”، ومن تحته يتم ارتداء السروال، ومن فوقه الصديري، الذي يحتوي على عدة جيوب، تستخدم لحفظ المتعلقات.
ويوضح أن تصميم الصديري الموجود فوق جلباب العراقي يختلف من مكان لآخر، فعلى سبيل المثال يرتدي أبناء مناطق غرب النيل في الكوبانية والرقبة وبنبان صديري قصير نسبيا، أما أبناء العبابدة والبشارية في أسوان والعلاقي فإنهم يرتدون صديري أطول نسبيا، وتوجد فيه كتلة من الخيط كنوع من الزينة، ويحتوي علي جيوب عميقة
ويوضح هدل أن بعض السيدات في أسوان يرتدين في فصل الصيف الثوب السوداني المصنوع من قماش خفيف، بسبب تشابه العادات والتقاليد بين البلدين، بينما ترتدي الفتيات والسيدات النوبيات جلباب أسود خفيف فوق ملابسهن، يطلق عليه الجرجار.

الأقمشة القطنية و”التقشيطة”

يقول محمد هلاوي، عضو جمعية المستقبل لتنمية المجتمع في قرية الرمادي بإدفو، إن معظم الملابس في صعيد مصر، التي ترتدى في فصل الصيف، تكون مصنوعة من القطن، وتكون خالية من مادة “البوليستر”، من أجل امتصاص العرق، وحتي تكون لطيفة الملمس على جسم الإنسان، كما أن معظم الملابس تكون بيضاء لتعكس درجة الحرارة.

الروائي أحمد أبو خنيجر- تصوير: عصمت توفيق

 

أهالي أسوان و”التقشيطة”

ويضيف أن جميع أهالي أسوان، لديهم جلبابًا أسودًا يحتفظون به، تحسبًا لمناسبات الحزن، خاصة في قري غرب النيل.. إذ يغلب على الناس ارتداء هذه الملابس الغامقة في مثل هذه المناسبات الحزينة.. كنوع من التضامن مع اهل المتوفى.

أسعار حياكة الجلباب البلدي لا تقل عن 100 جنيه.. بخلاف قيمة القماش، التي تبلغ 25 جنيها للمتر بالنسبة للقماش المصري.. بينما يباع متر القماش المستورد بمبلغ من 40 إلى 50 جنيها.. ويحتاج الشخص إلى 3 أمتار من القماش لحياكة الجلباب.. كما تنتشر محلات الترزية البلدي في قري الصعيد بشكل عام، وتحظي برواج كبير، بسبب إقبال الأهالي.

يهتم أهل أسوان والنوبة بارتداء الملابس البيضاء- تصوير: عصمت توفيق

وتحرص السيدات على ارتداء الملاية اللف، والثوب الأسود في فصل الصيف، وارتداء الشال الأسود كنوع من الوقار.. وللحفاظ على العادات والتقاليد السائدة في الصعيد.

ملابس الفراعنة و”التقشيطة”

يقول الدكتور عمر أبوزيد، مدرس الآثار المصرية بكلية آثار أسوان.. إن الأزياء التي كان يرتديها الفراعنة في فصل الصيف كانت تراعي الطقس الحار.. لذلك كانت من نسيج خفيف شفاف يتفق مع طبيعة هذا الجو.. كما كانت معظم الملابس ذات لون أبيض.. لتعكس الحرارة وتتناسب مع بشرة المصريين التي كانت تميل الي السمرة.. كما استخدموا النسيج الرخو الشفاف الذي يلائم جميع طبقات الشعب المختلفة.
ويضيف أن النقبة القصيرة البسيطة هي أشهر ما كان يميز ملابس الفراعنة بشكل عام.. وهي عبارة عن قطعة مستطيلة بيضاء من الكتان.. تثبت حول الوسط بحزام، وتترك الركب عارية غير مغطأة، وامتاز المصري القديم بمهاراته الفائقة في تصميم ملابسه لكل الطبقات.. ووضح ذلك علي جدارن المعابد والمقابر، فقد كانت الملابس تتكون غالبا من قطع الكتان بمقاسات مختلفة.

الزي البدائي

الدكتور أبوزيد يضيف أن طريقة حياكة الملابس الفرعونية كانت بسيطة للغاية.. وكان منها الزي البدائي، الذي كان عبارة عن شريط يحيط بوسط الجسم عند الردفين.. وغالبًا كان من النباتات أو ألياف الخضر ويعرف بالإزار، ويربط هذا الشريط حول الوسط.. ويتدلى طرفاه من الأمام ويستعمل لحفظ آلات الصيد.. أو يكون من قطعة من قماش التيل الأبيض تلف حول الوسط إلى أعلى الركبتين.
أما زي السادة فكانوا يرتدونه تحت الملابس، وقد يرتديه الفرعون أيضًا عندما يكون في عمل كالصيد مثلاً.. ولكن في هذه الحالة يتكون من أزياء جميلة وعليه كثير من الزينة، أما في الأحوال الرسمية فإن ملابسه تكون طويلة.
ويشير إلى أن الفراعنة ارتدوا أيضًا الصدرية أو القميص.. ليتناسب مع الطقس الحار، وهو عبارة عن ثوب بسيط يتكون من كُمين قصيرين جدًا أو بدون أكمام.. وله فتحة مستديرة، ويمكن أن يصنع من التيل السميك أو الشفاف.

زي الراقصات

يتابع أن ملابس الراقصات في عهد الفراعنة كانت تصمم بطريقة تتيح لهن حرية التعبير بأجزاء الجسم، لذلك كانت ملابسهن قصيرة، لإظهار حركة السيقان، والأرجل، وتكون بدون أكمام لإظهار حركة الأذرع والأيدي، وفي حال ارتداء الراقصات لملابس طويلة ذات أكمام واسعة تغطي أجسامهن بالكامل، فإن هذه الملابس تكون في الغالب مصنوعة من قماش شفاف لا يحجب حركة الجسم.
ويشير أبوزيد إلى أن الفراعنة كانوا يرتدون الصنادل في القدم لتكون مناسبة لدرجة الحرارة، وكان منها من له مقدمة مددقة ومرفوعة إلى أعلى، وكان الصندل يصنع من جلد الغزال أو من ألياف البردي المضفرة أو من الجلد المدعم بالشريط الذي يربطه إلى القدم، وكانت بعض الصنادل دون أي حلية غير الشريط الذي يربطها بالقدم، وغيرها كان بحلية من الذهب والألوان مثل الأحمر الفاتح والأبيض.

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر