اكتشف سحر «الإسماعيلية».. معالم سياحية وتراثية لا تفوتها

هي جوهرة قناة السويس التي تروي حكايات البطولة والأصالة، بين الماضي العريق والحاضر الزاهر، فإذا كنت تخطط لزيارة مدينة الإسماعيلية، «مدينة السحر والجمال»، فاستعد لرحلة تستكشف فيها مزيجًا فريدًا من التاريخ الحي، والثقافة النابضة، والطبيعة الخلابة، من مواقع شهدت ملاحم مقاومة صنعت مجدًا، إلى شوارع تتنفس التراث المصري الأصيل وتهوى الرياضة والحياة. الإسماعيلية ستخطف بصرك، وستجد نفسك في واحة ثرية بكل ما يبهج الزائر.
في هذا الدليل الشامل من «باب مصر»، نأخذك في جولة بين أهم الأماكن التراثية والثقافية التي يجب أن تكون ضمن قائمة زيارتك لـ«عروس القنال»، بدءًا من «تبة الشجرة» الصامدة شاهدا على بطولات أبناء المدينة، مرورًا بـ«متحف الإسماعيلية» الذي يحفظ ذاكرة القرون، وصولًا إلى «كورنيش نمرة 6» الساحر، حيث تلتئم روعة الطبيعة الخضراء الخلابة مع نبض الحياة اليومية. فكل مكان هنا يحمل قصة تنتظر من يكتشفها. فهل أنت مستعدّ لرحلة لا تنسى؟
المعالم التراثية والتاريخية للإسماعيلية
متحف الإسماعيلية
من أبرز المعالم الأثرية في المدينة، وهو واحد من أقدم المتاحف الإقليمية في مصر. إذ شيد عام 1911م على يد مهندسين أوروبيين. يضم المتحف آلاف القطع الأثرية التي تمثل مختلف العصور، من الفرعونية حتى الإسلامية.
يحتوي المتحف على تماثيل نادرة، أدوات فخارية، حلي ذهبية. كما يتميز بتصميمه المعماري الكلاسيكي وتنسيقه الداخلي الذي يسهل على الزائر التفاعل مع مقتنياته. ومن اللافت للنظر أن المتحف يضم قطعا تم العثور عليها خلال حفر قناة السويس، مما يربطه ارتباطا وثيقا بتاريخ المجري الملاحي المصري، وهو حاليًا قيد التطوير والترميم.
منزل فرديناند ديليسبس
يقع في قلب مدينة الإسماعيلية، ويعد من أقدم مبانيها التاريخية، حيث بُني عام 1859 ليكون مقر إقامة المهندس الفرنسي خلال إشرافه على حفر قناة السويس. يتميز المنزل بتصميمه الأوروبي الريفي وحديقته الواسعة، ويضم مقتنيات نادرة مثل خرائط أصلية وبعض الأدوات الشخصية التي استخدمها ديليسبس.
وبعد تأميم القناة، أصبح المنزل جزءًا من التراث المصري، ويعد اليوم رمزًا لتاريخ مشترك بين مصر وفرنسا، وشاهدًا على ملحمة إنشاء أحد أهم الممرات المائية في العالم. يقع المنزل في شارع محمد علي، بالقرب من مديرية الأمن.
تبة الشجرة
موقع استراتيجي يقع شرق الإسماعيلية، وقد ازدادت أهميته خلال حرب أكتوبر 1973، إذ كان نقطة تحصين قوية أنشأتها إسرائيل بعد نكسة 1967 لمراقبة الضفة الغربية لقناة السويس، وسميت بـ«رأس الأفعى المدمرة».
وتعرف التبة بهذا الاسم لتصميمها الذي يشبه جذع الشجرة، واحتوت على أنفاق وغرف قيادة ومعدات عسكرية متقدمة. وفي اليوم الثالث من الحرب، اقتحمتها القوات المصرية وسيطرت عليها بعد معركة ضارية، أُسر خلالها قائد الموقع الإسرائيلي.
تحولت التبة إلى رمز للبطولة ومتحف مفتوح يجسد تضحيات الجيش المصري، وتضم الكثير من مقتنيات الجيش الإسرائيلي المهزوم في المعركة المجيدة. وتعد مقصد لأغلب زائري المدينة، بالإضافة إلى «النصب التذكاري».
تل المسخوطة
من المعالم التراثية المهمة، ويقع غرب مدينة الإسماعيلية في منطقة أبو صوير. هو موقع أثري يعود إلى عصر الدولة الحديثة، ويعتقد أنه يضم أطلال مدينة “بير رعمسيس” العاصمة التي أسسها رمسيس الثاني.
وتم العثور فيه على بقايا معابد، تماثيل حجرية، تمائم، كما تشير الدراسات إلى وجود أنشطة دينية وتجارية واسعة في هذا المكان. يعد التل نقطة جذب للباحثين والمهتمين بالتاريخ المصري القديم.
مركز الإسماعيلية للوثائق
تأسس في إبريل 2017 بمبنى ديوان عام محافظة الإسماعيلية القديم، ضمن مبادرة الرئيس عبدالفتاح السيسي لحفظ الوثائق المهمة على مستوى الجمهورية. يضم وثائق نادرة عن حفر قناة السويس، وصورا تاريخية للمدينة، بالإضافة إلى توثيق للحركة السياسية والمناسبات التاريخية بالمحافظة.
المعالم الطبيعية والترفيهية
بحيرة التمساح
إحدى أبرز المعالم الطبيعية، وتتميز بمياهها الصافية ومناظرها الخلابة. تعد مقصدا للسكان المحليون والسياح للاستجمام. وتحيط بها مساحات مفتوحة والكثير من النوادي والمطاعم، التي تتواجد بطريق عبد المنعم عمارة السياحي، المشهور بـ«طريق البلاجات». تنتشر الطيور في محيط البحيرة، وتستخدم شواطئها وكوبري البلاجات لممارسة الصيد، التصوير، والتنزه. وسميت بهذا الاسم لأنها كانت موطنًا للتماسيح قديما، قبل أن تتغير طبيعتها بفعل الزمن.
طريق نمرة 6
من أجمل المناطق الترفيهية والسياحية في المدينة، يطل مباشرة على قناة السويس و«مبنى الإرشاد». وتزينه مساحات خضراء وأشجار وزهور.. يعد مكانًا مثاليًا للتنزه، والاستجمام، والرياضة، ويضم فنادق فاخرة، نوادي مثل «نادي الجولف». وعددا من الكافيتريات والمقاهي التي تقدم أجواء هادئة ومميزة.
كما يحتوي على حدائق مخصصة للعائلات. ويحمل الطريق طابعًا تاريخيًا لوجود المعدية التي تربط ضفتي القناة، ويعد من أبرز رموز الجذب في المدينة. حيث يجمع بين الراحة، الجمال، والتاريخ.
شارع السلطان حسين
يعد من أقدم وأشهر شوارع مدينة الإسماعيلية، ويتميز بأصالته وتاريخه الممتد منذ فترة الاحتلال البريطاني. حيث كان من الشوارع الراقية التي سكنت فيها الطبقة الأرستقراطية والقيادات الأجنبية. يتمتع الشارع بتخطيط هندسي كلاسيكي، وتحيط به مبان تراثية ذات طابع أوروبي، يعود بعضها إلى أوائل القرن العشرين. ما يمنحه طابعًا معماريًا فريدًا.
يقع الشارع بالقرب من وسط المدينة، ويحتضن العديد من المحلات التجارية والمقاهي والمطاعم. ويعد نقطة ربط بين عدد من الأحياء الحيوية وميداني «شامبليون ومصطفى كامل». وهو مكان محبب للتنزه والمشي، ولا يزال يحتفظ برونقه القديم مع الطابع الحديث، ويعتبر من أهم رموز الهوية التاريخية والعمرانية في الإسماعيلية.
جناين الملاحة
في المنطقة نفسها، تقع واحدة من أجمل وأعرق معالم المدينة، وهي «جناين الملاحة»، التي تتميز بموقعها الفريد المطل على قناة السويس وبجوار «معدية نمرة 6». تمتد هذه الحدائق على مساحة خضراء واسعة تزينها الأشجار النادرة والنخيل الطويل، مما يضفي عليها طابعا من الهدوء والسحر الطبيعي.
تعود هذه الحدائق إلى بدايات تأسيس المدينة، وكانت منذ عقود طويلة وجهة للراحة والاستجمام، خاصة في الأعياد والمناسبات مثل شم النسيم. وتبقى حتى اليوم مقصدا مفضلا للعائلات والزوار الباحثين عن جمال الطبيعة وسكينة المكان.
حي الإفرنج
تضم الإسماعيلية أيضا حي الإفرنج، وهو حي تاريخي تأسس بالتزامن مع حفر قناة السويس. وقد سمي بهذا الاسم لأنه كان مخصصا للأجانب العاملين في الشركة العالمية لحفر القناة.
يضم الحي مباني قديمة على الطراز الأوروبي، وشوارع مرصوفة، وبعض الفنادق التاريخية التي لا تزال قائمة حتى اليوم. والسير فيه يشبه جولة في التاريخ الحديث لمصر خلال الحقبة الكولونيالية، حيث يروي تفاصيل حياة العمالة الأجنبية والطبقات الراقية في ذلك العصر.
ويضم الحي مجموعة من المساجد والكنائس القديمة، أبرزها «الكنيسة الكاثوليكية»، مما يعكس التنوع الديني والثقافي الذي ميز المدينة منذ نشأتها.
الإسماعيلية.. تجربة لا تنسى
الإسماعيلية من المحافظات التي تستحق الزيارة لمن يرغب في الجمع بين عبق التاريخ وجمال الطبيعة. فهي تقدم تجربة متكاملة للزائر من خلال مواقعها الأثرية العريقة. ومعالمها الطبيعية الخلابة، وأجوائها الهادئة التي تضفي على الرحلة طابعًا مميزًا لا ينسى.
وفي الختام، لا ننسى «المانجو» الفاكهة التي تشتهر بها الإسماعيلية. فإذا صادفت زيارتك موسمها، فأنت من سعداء الحظ، و«يا سعدك يا هناك»، وتذكر دائما: «الإسماعيلية وقت المغربية».
اقرأ أيضا:
شيخ عازفي السمسمية بالإسماعيلية: نحارب من أجل ألا تموت أصوات القنال