«أماني محفوظ» فنانة تشكيلية تحول «القلل» لأنتيكات بصورة عصرية

نشأتها داخل بيت داعم للثقافة والفن ساهم في تعدد مواهبها الأدبية والفنية. قررت الفنانة التشكيلية «أماني محفوظ» استغلال موهبتها للرسم على القلل الفخارية وتحويلها لقطع فنية ديكورية جميلة لا يغلب عليها طابع التنميط. إذ دشنت براند أطلقت عليه «قلل مصر» في محاولة منها لإعادة إحياء القلل المصرية وتقديمها داخل البيوت كأنتيكات عبر عن روح الفن المصري.

دعم الأسرة

تتحدث أماني عن علاقتها بالفن والأدب وتقول لـ«باب مصر»: “علاقتي بالفن بدأت منذ مرحلة مبكرة من حياتي. إذ فتحت لي أسرتي كافة أشكال المعرفة نتيجة الدعم الدائم، وهي النقطة التي قمت باستغلالها، وساعدني هذا الجو على تذوق الأدب والفنون وكذلك فهم قيمة القراءة”.

وتابعت: عائلتي أتاحت لي فرصة الذهاب لمكتبة البلدية بالإسكندرية. فقد كانت الكتب متوفرة وكنت أطلع على كل ما هو جديد بالنسبة للكتب. لكن في السياق ذاته كانت مكتبة البلدية تحوي داخلها على صالة للفن التشكيلي، وكانت تستضيف معارض عدة. ومن هنا بدأت أتعلق بالفن التشكيلي؛ لذلك أنا محظوظة لأن عائلتي طورت موهبتي ودعمتها.

تجربة ملهمة

خلال المرحلة الإعدادية بدأت “أماني” في كتابة الشعر. إذ شجعها أساتذتها على الاستمرار. وهنا قررت الذهاب لقصور الثقافة لتنمية موهبتها. فحرصت على متابعة اللقاءات والندوات الأدبية المتوفرة.

تقول: “قدمت في كثير من المسابقات الشعرية، وبالتوازي مع الكتابة بدأت ممارسة الفن التشكيلي بشكل فعلي. لكني توقفت عن الكتابة نتيجة ضغوط الحياة وبعدها قررت استكمال ما بدأته مرة أخرى والعودة للكتابة. وبدأت مسيرتي الشعرية في كتابة شعر العامية”.

وتابعت: حاولت ابتكار أشياء مختلفة لتقديمها، فقدمت تجربة “على باب الدكان” وفيها حرصت على فكرة الكتابة في الشارع، وهذه التجربة كانت ملهمة وأثرت في الكثيرين.

أحبت أماني قصص جحا، فقد كانت تتمنى أن تشتري لوحة له كانت دائما ما تشاهدها أثناء سيرها في إحدى شوارع الإسكندرية. وبدلا من شراء اللوحة قررت صنعها بنفسها باستخدام الإبرة والفتلة.

تقول: “اتفقت مع الفنان خالد عبدالمجيد، الذي نفذ ورشة لتعليم الخيامية ليساعدني في الرسم على القماش. وبالفعل نفذت اللوحة الأولى “جحا” الذي طالما أحببته. إذ كان الرسم على القماش أمر صعب ومتعب لكني قررت خوض التجربة التي أحببتها كثيرا. ومنها قررت خوض تجربة الرسم التشكيلي على اسكتشات وشاركت من خلالها في معارض مختلفة”.

عملية دقيقة

تذكر أماني أنها أيضا خاضت تجربة جديدة. إذ كانت معجبة بمفردات التراث المصري الغنية والمتنوعة؛ وأحبت منذ طفولتها التراث المصري؛ وخاصة “القلة”. فنتيجة ممارستها للرسم بصفة مستمرة قررت إعادة إحياء التراث المصري مرة أخرى لتوائم من خلاله متطلبات العصر.

وتقول: “بدأت عملية توظيف الفن التشكيلي من خلال الرسم على القلل. فرغم صعوبة الرسم على القلة إلا أنني قررت خوض التجربة، فهي غير مسطحة وبالتالي عملية الرسم عليها تكون صعبة، نتيجة المنحنيات الموجودة عليها. وبدأت استخدم الألوان غير المكررة، واستخدمت فن الديكوباج على القلل. وهي عملية دقيقة جدا من الصعب تنفيذها، لأن القلل البلدي غير مستوية؛ لذلك قمت بصنفرتها وبدأت بتنفيذ فن الديكوباج.

وبعدها قررت تحويل لوحاتي التي كنت ارسمها، ورسمتها على “القلل”. وقد لاقى الأمر ترحيبا من جانب الفنانين، وتوسعت في المشروع وبدأت الرسم على كل ما هو فخاري، فرسمت على الأطباق الفخارية. وحاليا أتطلع للرسم على “الزير والبلاص”.

وتضيف، استخدمت القلة بدلا من تحويلها فقط لشكل ديكوري فالقلل الملونة لا تصلح للشرب. وهنا بدأت تحويل القلل لـ”مبخرة” بشكل يدوي. وبالفعل نجحت التجربة. وبدأت في صناعة المباخر الملونة باستخدام أدوات وطرق يدوية، وخلال الفترة المقبلة أتطلع لتشكيل الفخار بنفسي.

إحياء التراث

تحكي أماني عن طريقة الرسم والتلوين على القلة وتقول: “أول شيء أقوم به هو شراء القلة، وبعد ذلك صنفرتها كما ذكرت وأتركها تجف. وتأتي بعدها عملية تكوين البطانة للقلة باستخدام الألوان الأكليريك، ومنها التلوين الذي استخدم فيه مناديل الديكوباج بعد أن أقصها وأفرغها. وبعدها ألصقها بحرص على القلة باستخدام الغراء بطريقة دقيقة ومرهقة جدا. وأتركها لتجف ثم ألمعها كي تكون جاهزة للعرض. فهذا المشروع مطلوب داخل معارض الفن التشكيلي المختلفة لأني دشنت “براند” أصبح يجد له مكانا داخل المعارض الفنية”.

تختتم الفنانة التشكيلية حديثها وتقول: “إعادة إحياء التراث مسؤولية تقع على عاتقي، فأنا أحب ممارسة كل شيء تعلمته وأريد الحفاظ على التراث المصري الفريد. كنت أخشى أن تندر القلل وأن يبتعد الناس عن استخدامها. لذلك قررت الرسم عليها؛ وبالفعل أصبحت موجودة كديكور داخل الكثير من البيوت في الوقت الراهن.

فأنا أود تطوير هذا المجال وإعطاؤه مساحة أكبر لأني حريصة على استمرار استخدام الفخار وتحديثه. وأمنيتي خلال الفترة المقبلة هو تصدير هذا التراث خارج مصر، لتعريف الجميع بهذا الإرث الذي نمتلكه”.

اقرأ أيضا

الحسين سجينا: ترميم أم تشويه؟

مشاركة
زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر