«أنا وبناتي».. معرض للنحات جمال عبدالناصر وابنتيه

يفتتح اليوم بجاليري ياسين في الزمالك، معرض «أنا وبناتي» للنحات «جمال عبدالناصر» وابنتيه «ندى وريم». يضم المعرض 17 عملا نحتيا للأب، و14 لوحة فنية لابنتيه، ويستمر حتى 29 من مايو الجاري. يعكس المعرض تلاقي الأجيال داخل أسرة واحدة، حيث يقدم كل فنان رؤيته الخاصة.
الفن موهبة
في مساحة عرض واحدة، وعلى حوائط وأركان قاعة العرض، تتقاطع ثلاث رؤى فنية مختلفة وتتجاور: أب عاشق للنحت، وابنتان تمضيان بخطى واثقة نحو عالم الفن والتشكيل. وحول فكرة المعرض العائلي وتأثيره الفني على ابنتيه، يقول الفنان جمال عبدالناصر لـ«باب مصر»: “كنت أفكر منذ وقت طويل في إقامة معرض يجمعني بابنتيَ. فقد تعلق قلبي بالفن منذ طفولتي، عندما كنت أستمع لوالدي، رحمه الله، وهو يعزف على آلة الكمان. وكانت والدتي تشجعني دائما على تنمية موهبتي، وهو ما واصلته مع بناتي فيما بعد”.
يتابع عبدالناصر: “كانت ابنتاي دائما بجانبي، فقد كنت أعمل في حضورهما، وشاهداني كثيرًا وأنا أمارس الرسم والنحت. كنت أطلق العنان لخيالهما من خلال اللعب وسماع الموسيقى والأغاني الكلاسيكية القديمة. وبما أن الفن موهبة يمنحها الله لمن يشاء، كنت دائما أقدم لهما الدعم والتشجيع، وقد اختارتا دراسة الفن عن قناعة، وهو ما منح كلا منهما أسلوبا خاصا يميزها. أفكر في تكرار تجربة معرض آخر يضم أعمالا أكثر”.
تنوع الخامات
تتميز أعمال التشكيلي جمال عبدالناصر بتنوع الخامات المستخدمة، وحول ذلك يقول: “تجاربي على مدار الأعوام السابقة دفعتني لاستخدام خامات متعددة في أعمالي، فكل تجربة فنية كانت تفرض خامات معينة تناسبها. أضف إلى ذلك تأثري بمشاهداتي لأعمال كبار الفنانين المصريين والأوروبيين، وعنصر الخيال الذي أحرص دائما على الحفاظ عليه”.
وعن استخدامه للألوان الزاهية في النحت، يقول: “لو تأملنا أعمال المصري القديم، سنجد أنها تمتاز بألوانها الزاهية الرائعة، سواء على جدران المعابد أو المقابر. لذا فمن الطبيعي أن استخدم الألوان في منحوتاتي، وهو أسلوب غير تقليدي. كما أنني أمزج في بعض الأعمال بين النحت والتصوير. فأحافظ على قيم النحت مثل الاتزان، مع جرأة الألوان التي تميز التصوير”.
وتابع: “أرى أن ندى ابنتي هي الأقرب لأسلوبي، خاصة في التركيبات التقليدية البصرية، فضلا عن خيالنا المشترك وحبنا للحيوانات. أما ريم فهي متخصصة في الرسم والتصوير، وأحيانا أقدم لها بعض النصائح الفنية”.
الحيوانات والألوان
تمتاز أعمال الفنانة ندى جمال عبدالناصر، خريجة كلية التربية الفنية، بالبساطة والبهجة، وتعكس حبها الشديد للحيوانات. وحول تجربتها الفنية تقول: “أحب الحيوانات جدًا، وأعشق الألوان والسفر واكتشاف الثقافات المختلفة. جميع أعمالي في المعرض تعبر عن هذا الحب العميق. وأتمنى أن تصل رسالتي للجميع، بأن وجود الحيوانات مهم جدا في الحياة”. وتابعت: “تأثرت فعلا بوالدي ووالدتي، فهما من زرعا بداخلي الثقة، وشجعاني على استخدام الألوان دون خوف من الوقوع في الخطأ”.
وتضيف، أنا الآن لا أخشى الألوان، بل أتعامل معها بحرية وحب، سواء على سطح لوحاتي أو حتى في ملابسي، حيث أرسم عليها وألونها بما أحب. كما تأثرت بمنحوتات والدي، خصوصا في شخصياته المنطلقة واستخدامه الجريء للألوان. تكمل: “كانت أهم نصائح والدي لي منذ الصغر أن أثق في نفسي وأفكاري، وألا أقلد أحدا، وأن أطور ذاتي دائما دون مقارنة أعمالي بأعمال الآخرين. لأن لكل فنان رؤيته الخاصة”.
وعن مشاركتها في المعرض العائلي، تقول:” أشارك بسبع لوحات استخدمت فيها خامات متنوعة، مثل ألوان الأكريليك، والقماش، والخيط والخرز، كلها تدور حول علاقتنا بالحيوانات. لم يتدخل أي منا في عمل الآخر، عملنا بحرية تامة، وأتمنى نجاح التجربة وتكرارها”.

التأثر بالتراث المصري
تشارك الفنانة ريم عبدالناصر في المعرض بسبعة أعمال فنية. هي حاصلة على بكالوريوس الفنون الجميلة في التصوير الجداري- جامعة القاهرة- بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف، وعضو في نقابة الفنانين التشكيليين. تركز في أعمالها على الرسم بالألوان الزيتية والأكريليك، بالإضافة إلى الوسائط المختلطة ورسومات الفحم والرصاص. وقد شاركت في عدة من معارض جماعية وفردية.
تقول ريم: “تميل أعمالي إلى التعبيرية، وتتنوع موضوعاتها، تأثرا بالتراث المصري ودور المرأة في المجتمع. كما تأثرت بأسرتي كثيرا، فقد وفروا لي بيئة خصبة لنمو الخيال والإبداع”. وتضيف، البيئة الفنية داخل المنزل كانت دافعا كبيرا لتوجهي للفن التشكيلي، كنت أرى والدي وهو يشكل الطين الأسواني، ويستخدم الألوان والفحم، ويرسم اسكتشاته القوية، قبل تنفيذ أعماله النحتية. كما انبهرت بوالدتي، مهندسة الديكور، وطريقتها في توظيف الخامات بشكل فني”.

أسرة فنية
تتابع ريم: “كل هذا دفعني دون أن أشعر لدخول عالم الفن. تفتحت عيناي على الألوان، وكان ذلك أكبر مصدر إلهام. وقد أثر تنوع الخامات الفنية في منزلنا على أعمالي. حيث كنت استخدم الألوان والأحبار والفحم والباستيل، وأحيانا الورق والمناديل وأوراق الذهب والكرتون”. وتختتم حديثها: “بالطبع استشير والدي أحيانا، خاصة عندما أعمل على أسطح بارزة، واستفيد من خبرته”.
وحول مشاركتها في هذا المعرض العائلي تقول ريم: “تم طرح فكرة المعرض منذ فترة، وتحمسنا لها كثيرا، حيث نجتمع لأول مرة في مساحة عرض واحدة، كل منا بأسلوبه وأفكاره الخاصة. وقد يكون هذا المعرض بداية لمعارض أسرية أخرى مستقبلا، تمتد لتشمل باقي أفراد الأسرة”.
وتكمل: “أشارك في هذا المعرض بسبع لوحات تتناول العلاقات الإنسانية بين الأشخاص. حيث تختلف أفكارهم وبيئاتهم ووجهات نظرهم. ورغم ذلك، قد يحدث تلاقٍ في بعض التوجهات، وترسو المشاعر. وتسير بهم مركب الحياة وهم على متنها سويا. فالحب، في رأيي، هو ما يمنح الحياة ذلك الاتزان الذي ينقذ الإنسان من الغرق في جفافها”.
اقرأ أيضا:
«نظرة» للإنشاد الديني: رحلة ثلاثة منشدين من الصعيد إلى جمهور القاهرة