«يحيي الدسوقي» آخر صانع حُصر بلدي بنقادة: «المهنة لا تسر ولا تغني»

تشتهر مدينة نقادة التي تقع على الشاطئ الغربي لنهر النيل جنوب محافظة قنا بصناعة الحُصر من نبات الحلف. يحكى «يحيي الدسوقي» صانع الحُصر البلدي أن المهنة تواجه الاندثار بسبب قلة الطلب وانتشار الحُصر البلاستيكية، ورغم ذلك مازال الدسوقي يحافظ على حرفته التي ورثها من والده وجده حتى الآن.. «باب مصر» يتعرف على هذه الحرفة.

صناعة الحُصر

يقول يحيي الدسوقي، 60عاما، صانع حُصر من نجع القصاصنة قرية العربات: “ورثت هذه الحرفة عن والدي وجدي. فكنت أساعد أبي منذ أن كان عمري 12 عاما، تعلمت الصنعة وأصبحت حرفتي الأساسية، خاصة أنني لم أكمل تعليمي مثل بقية أخواتي”.

وتابع: أعمل أمام منزلي، حيث أضع نبات الحلف جواري الذي يتم جلبه من الأماكن القريبة للترع. وأتركه في الهواء كي يجف وأتمكن من العمل به بعد ذلك، وأشهر ما أصنعه من نبات الحلف “الحصير البلدي”.

يوضح الدسوقي أن عائلته لها تاريخ طويل في هذه الحرفة، التي أوشكت على الاندثار. حيث لم يتبق سواه ممن يعمل فيها بنقادة. لكنه يحبها وارتبط بها كثيرا حتى أصبحت مصدر قوت يومه، رغم انخفاض الطلب على الحُصر، لكنه لا يزال يتمسك بصناعتها.

يستغرق الدسوقي ما يقرب من 6 ساعات يوميًا، قد تكون متقطعة أو كاملة، على مدار يومين للانتهاء من صناعة “حصير واحد”، بطول مترين طول ونصف المتر عرض.

مراحل الصناعة

أما عن أدواته التي يستخدمها في العمل، فيقول: “أدواتي قديمة للغاية، حلف أخضر يتم جلبه من على ضفاف الترع والمصارف وأحيانا النيل. وأقوم بتجفيفه أمام منزلي، وبعدها أقوم برش الماء عليه حتى أتمكن من “فتله” بسهولة ولا يتقصف مني أثناء العمل”.

وبعدها يقوم الدسوقي بعملية “الفتل” حبل وراء حبل بطول 3 أمتار. ثم يضعهم على لوحات خشبية مثبتة في الأرض، تشبه قليلا النول اليدوي. ويملأ الفراغات بالحبال ويربطها بعضها البعض. ومنها يقوم بكي الحصير بقطعة حديد ثقيلة، حتى يصبح الحلف ناعما للغاية ويتمكن الأفراد من الجلوس عليه.

يحكى الدسوقي عن السوق والعرض والطلب على شراء الحصير البلدي. ويقول: “عندما كنت صغيرا في سن العشرين، كنت أذهب لبيع وتسويق الحُصر التي يصنعها والدي في قرى شرق النيل بقوص ومركز نقادة، وبعض قرى الأقصر. حيث كان الإقبال عليها في الماضي، ولكن الآن الصنع يكون حسب طلب الزبون”.

وتابع: الآن لا أستطيع الذهاب إلى القرى البعيدة للتسويق. والحصير البلدي الآن يستخدمها الأهالي إما في الجلوس عليها في الشارع أو تستخدمه السيدات في المنازل يضعن الخبز الساخن عليه. وهذا يرجع لاستخدام الحصر المصنوعة من البلاستيك والسجاد الحديث مواكبة للعصر.

استخدام الماضي

أما عن استخدامات الحُصر في الماضي، فكانت تفرش بها المساجد، وتأخذها العروس ضمن جهازها، وتُفرش على الأثاث مثل الكنب أو السرائر في المنازل، فصناعة الحُصر هي مهنة صبر في الأساس ولكن “لا تسر ولا تغني” من ناحية المكسب المادي – على حد قوله.

يختتم الدسوقي حديثه ويقول: “قديما كانت تكلفة الحصير الواحدة عرض متر ونص وطول مترين نحو 90 قرشا، بينما الآن تتكلف نحو 120 جنيها. وأنا مستمر في هذه المهنة بسبب حبي لها وهوايتي أيضا، فضلا عن أنها مصدر دخلي الرئيسي، وأتمنى أن يتعلمها أولادي حفاظا عليها من الاندثار فهي تاريخ وإرث العائلة”.

اقرأ أيضا:

عائلة «الحلواني»: 100 عام من صناعة حلوى المولد في قوص

مشاركة
زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر