أول رد للفنان الروسي على حبس غادة والي.. وخبراء: انتصار لحقوق الملكية

بعد صراع قضائي استمر على مدار ثمانية عشر شهرا، أصدرت المحكمة الاقتصادية بالقاهرة، أمس، حكما بحبس مصممة الجرافيك غادة والي ستة أشهر ودفع غرامة 10 آلاف جنيه عن كل مصنف، ودفع 10 آلاف جنيه كفالة، وتعويض مؤقت قدره 100 ألف جنيه.

اعتراف بالسرقة

يأتي هذا الحكم بعد اعتراف الشركة الفرنسية المسؤولة عن تشغيل مترو الأنفاق وهيئة تشغيل المترو بسرقة مصممة الجرافيك غادة والي، رسومات محطة «كلية البنات» بالخط الثالث من أعماله. حاولنا التواصل مع الفنان الروسي جورجي كوراسوف، لمعرفة رد فعله والخطوة القادمة. وقال في رسالة عبر البريد الإلكتروني لـ«باب مصر»: “لسوء الحظ، طلب مني المحامون عدم الإدلاء بأي تعليقات”.

وفي تصريحات سابقة لـ«باب مصر»، أوضح كوراسوف أن أربعة من لوحاته تم استخدامها في هذا المشروع، وأنها متوفرة في قسم الأصول المباعة على موقعه الرسمي. وأن ثلاثة من هذه اللوحات قد تم بيعها بأرقام محددة، يتعلق الأمر باللوحة رقم 38 لعام 1995، واللوحة رقم 116 لعام 2001، واللوحة رقم 168 لعام 2005. أما اللوحة الرابعة فلا تزال متوفرة للبيع وتحمل الرقم 212 لعام 2012 في قسم الأصول المتاحة.

وأشار كوراسوف إلى أن اللوحة المستخدمة في محطة مترو “كلية البنات” مستوحاة من لوحة رقم 38. ونوه بأنها ليست عن مصر القديمة بل عن اليونان القديمة. وذكر أن اللوحة تصور “زوجة بينلوب” في ملحمة “هوميروس”، وتم رسم اللوحات الأربعة باستخدام ألوان زيتية على قماش، وأشار إلى أن اللوحة رقم 168 تتعلق بالرقص المصري وتندرج ضمن سلسلته “International Dancing”.

لوحة الفنان الروسي جورجي كوراسوف وجدارية محطة مترو كلية البنات
لوحة الفنان الروسي جورجي كوراسوف وجدارية محطة مترو كلية البنات
سرقة واضحة

من جانبه كشف المحامي أحمد حسن العطار، عضو الاتحاد الدولي للمحامين ومؤسس مكتب العطار الدولي لـ«باب مصر»، أن هذا الحكم يعد إقرارا واضحا لسرقتها لوحات الفنان الروسي جورجي كوراسوف واستخدامها في تصميم جداريات محطة مترو “كلية البنات” بالخط الثالث لهيئة مترو الأنفاق.

وتابع: يحق للمتهمة الاستئناف خلال 10 أيام من تاريخ صدور الحكم، لأن الحكم حضوري بوكيل ومسألة وقت لكن الحكم سيؤيد لصالح الموكل. وعن الخطوة القادمة ستكون استكمال مسألة المطالبة بالتعويض بناءا على التعويض المؤقت الذي صدر أمس مع الحكم. ويضيف: “ستكون هناك مفاجآت بشأن مسألة المطالبة بالتعويض، وسيكون بعملة مصرية”.

أول قضية حقوق ملكية فكرية

وعن تقديره لإصدار هذا الحكم، وصفه القضية بأنها الأولى من نوعها التي يشهدها القضاء المصري بهذا الحجم ويتم الحكم فيها لأنها تمس حقوق الملكية الفكرية. ويستكمل: “هناك تقدم بشأن مسألة الملكية الفكرية لقانون 82 لسنة 2002 وتطبيقه عملي، وأصبح العامة من الناس يفهمون ويتحدثون عن حق الملكية الفكرية، سواء المشتغلين أو غير المشتغلين في هذا النوع من القضايا”.

تحدث العطار – في تصريحاته – عن أهمية حماية الأفكار والأعمال والحفاظ على حقوقها. كما أوضح أن الناس بدأت تدرك كيفية الحفاظ على الأفكار والأعمال الخاصة بهم وحماية حقوقهم فيها. وأعرب عن رأيه بأن الحكم الصادر في قضية جورج كوراسوف كان عادلاً للجمهور، وليس لصالح الفنان فقط.

ونوه بأن لجنة الخبراء التي تعاملت مع قضية الصورة كانت مكونة من خبراء مصريين فقط، وتم تشكيلها بتكليف من النيابة العامة للبت في هذه المسألة. مشيرا إلى أن اللجنة تضم عمداء كليات فنون تطبيقية وخبراء تشكيليين.

عقوبة غير متوقعة

يقول الفنان التشكيلي والكاتب الصحفي طارق عبدالعزيز، عن دلالة الحكم وأهميته: “بالنسبة لي لم يكن متوقعا لوجود عقوبة بالحبس. لكن توقعت وجود عقوبة بالغرامة فقط، واعتبره انتصار لحقوق الملكية الفكرية. وفي الوقت نفسه إنذار شديد اللهجة لكل فنان سيفكر في السطو على مجهود فنان آخر”.

واستكمل: “صدر الحكم عن المحكمة الاقتصادية وهو حكم يعتبر درجة أولى. لكن يحق لها الاستئناف واعتقد أنه سيتم إيقاف تنفيذ حكم الحبس لأنها ليست صاحبة سابقة لأعمال بالحبس، مع الاكتفاء بدفع الغرامة. كما أن إصدار حكم من المحكمة يحبسها ودفعها غرامة يعد دليلا واضحا على السرقة. وبالتالي يحق للفنان الروسي المطالبة لاحقا بمبلغ تعويض أكبر. خاصة أن التعويض الذي تم إلزامها بدفعه أمس هي غرامة وتعويض مؤقت كما نصت حيثيات الحكم”.

وبالعودة لبداية القضية، قالت غادة والي إنها اقتبست من الفن المصري القديم، وليس من أعمال جورج كوراسوف الروسي.

ويوضح عبدالعزيز: “لكنها أغفلت نقطة هامة وهي أن طريقة المعالجة للعمل واحدة، ويحق لأي فنان الاقتباس من الفن المصري القديم أو اليوناني أو غيره لكن طريقة المعالجة يجب أن تكون مختلفة عن كل فنان، وهذا ما أقرته اللجنة الفنية المختصة”.

جدارية مترو كلية البنات المُزالة في يوليو 2022
جدارية مترو كلية البنات المُزالة في يوليو 2022
انتصار لحقوق الفنانين!

وتعد هذه أول قضية مصرية تتعلق بحقوق الملكية الفكرية يتم الحكم فيها بعقوبة بهذا الشكل. وأكد عبدالعزيز أن هذا يعتبر انتصارا لحقوق الملكية الفكرية. خاصة أنها غير مُطبقة في مصر مقارنة بدول أخرى تولي الملكية الفكرية أهمية خاصة.

ويقول: “شهدنا في مصر سطو العديد من الفنانين على أعمال فنانين آخرين، وتزوير لوحات. وشاهدت هذا بنفسي باعتباري عضو نقابة التشكيليين. وكان آخرها تقليد نسخة من تمثال الفنان محمد ثابت من قبل فنان آخر وشارك به في المعرض العام السابق الذي يعد أهم حدث تشكيلي يُقام في مصر. ولكن السؤال هل تم الحكم على الفنان أو تغريمه. لا لم يحدث لأننا لا نمتلك تفعيل لقوانين الملكية الفكرية بالشكل الذي يجب تطبيقه به”.

وأشار إلى أن قضية غادة والي نالت هذا القدر الكبير من اهتمام القضاء، نظرا لعدة أسباب من بينها أنها قضية رأي عام. بالإضافة إلى تورطها مع هيئة كبيرة كمترو الأنفاق والأهم سرقة عمل فنان أجنبي بالتالي أصبح حدث دولي. ويطالب عبدالعزيز نقابة التشكيليين تبني تفعيل قانون حماية الملكية الفكرية مع وجود تشريعات لهذا القانون. تجبر أي شخص على التفكير قبل السطو على عمل فني لشخص آخر.

ويختتم حديثه ويقول: “هذه الإشكالية لا تتعلق بالفنون التشكيلية فقط. لكن كل أنواع الفنون مثل مقطوعة موسيقية أو تمثال منحوت أو سيناريو ”.

اقرأ أيضا:

أولى جلسات محاكمة غادة والي.. دفاع الفنان الروسي يكشف كواليس القضية والمطالب| خاص

مشاركة
زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر