باب مقبرته في بريطانيا.. اكتشاف مومياء عمرها 4400 عام لـ«بتاح شبسس»| خاص

نجحت البعثة التشيكية التابعة للمعهد التشيكي للآثار المصرية، التي تعمل بالمنطقة الانتقالية بين حقلي هرم أبوصير وسقارة، في التوصل إلى اكتشاف نادر خلال موسمين أثريين في عامي 2022 و2023. إذ تمكنت من تحديد موقع واستكشاف مقبرة مفقودة تعود إلى «بتاح شبسس» مسؤول كبير عاش بين القرنين 25 و24 قبل الميلاد.

اكتشاف مقبرة بتاح شبسس

الاكتشاف تم بمنحة من مركز الأبحاث الأمريكي في مصر والمعهد التشيكي للآثار المصرية. وهو مؤسسة رائدة ملحقة بكلية الفلسفة والآداب بجامعة تشارلز في براغ. وتوّج باكتشاف المقبرة التي تم اكتشافها قبل 160 عاما لكنها ضاعت مرة أخرى في الصحراء. حيث استمرت عملية البحث الصعبة على مدار عدة سنوات. ونجحت البعثة في إعادة اكتشاف مقبرة “بتاح شبسس” باستخدام تقنيات حديثة مثل التصوير التفصيلي للمنطقة عبر الأقمار الصناعية ودراسة الخرائط القديمة.

اكتشف فريق من علماء الآثار التشيكيين هذا السر المخفي لقرون تحت الرمال وكانت على شكل مصطبة. ويشرح الدكتور روسل مول، الباحث الأثري التشيكي، أهمية اكتشاف المقبرة، ويقول لـ«باب مصر»: “المصاطب عبارة عن هياكل مستطيلة ذات جدران مائلة وأسقف من الحجر. وغالبا ما تكون لأكبر الشخصيات في مصر القديمة، وتم العثور عليها بينما كانت شبه مخفية تحت الأرض”. وعلى حد وصفه، نظرًا لأهمية “بتاح شبسس” السياسية والتاريخية والدينية، تصبح المقبرة واحدة من أبرز اكتشافات الآثار المصرية في الآونة الأخيرة.

خضعت المقبرة للاستكشاف على عدة مراحل: المرحلة الأولى أثناء أعمال التنقيب، تم الكشف عن الجزء الممتد فوق الأرض من المصطبة والذي يبلغ طوله 42 مترًا وعرضه 22 مترًا مع توثيقه بالكامل.

ووجدت البعثة في المقبرة غرفة للعبادة محفوظة جيدا ذات زخارف ملونة في الداخل. واثنين من السراديب وهي غرف بها تماثيل “بتاح شبسس” بالإضافة إلى ممر طويل يصل إلى أكثر من 4 أمتار. وخلال الموسم الأثري الثاني ربيع 2023، تم استكشاف غرفة الدفن نفسها عبر الدخول إليها من خلال ممر هابط ملتوي يؤدي إلى مدخل به حجر جيري ضخم في موقعه الأصلي.

أسرار جديدة عن التحنيط 

وبحسب البيان الصادر عن البعثة الشيكية، كانت غرفة الدفن نفسها قد تعرضت للنهب بالفعل في العصور القديمة. لكنها لا تزال تحتوي على أجزاء من معدات الدفن الأصلية. بما في ذلك الفخار وبقايا القرابين النذرية والأواني الكانوبية.

والغريب أنهم عثروا على سمكة محنطة في غرفة الدفن، وهي السمكة المحنطة الأولى من نوعها. وعن التابوت يحتوي التابوت المفتوح جزئيًا على مومياء كاملة لأحد كبار الشخصيات لا تزال مستلقية على ظهره.

ويتابع روسل مول لـ«باب مصر»: “تكمن أهميتها باعتبارها تمثل حلقة مفقودة هامة جدًا بين المصاطب الصغيرة نسبيًا ومصلى عبادة واحد والمقابر العائلية الواسعة. مثل مقبرة تاي المجاورة التي تم بناؤها في نفس الوقت تقريبًا”. وأوضح أن أهمية الاكتشاف أيضا أن المومياء التي يقدر عمرها 4400 عام تقدم معلومات جديدة هامة عن تطور التحنيط في فترة الدولة المصرية القديمة.

وبحسب المدون أيضا في مقبرته، عاش “بتاح شبسس” في عهد ستة ملوك من أواخر الأسرتين الرابعة والخامسة: منكاورع، وسبسيسكافا، وأوسركافا، وساحو رع، ونفر إركاريا، وني أوسر رع.

غرفة الدفن في مقبرة بتاح شبسس في سقارة – أرشيف المعهد التشيكي لعلم المصريات، كلية الآداب، جامعة تشارلز
غرفة الدفن في مقبرة بتاح شبسس في سقارة – أرشيف المعهد التشيكي لعلم المصريات، كلية الآداب، جامعة تشارلز
الرجل الذي غيّر تاريخ مصر

“واحد من أعظم الاكتشافات الأثرية” بهذه الكلمات وصف د.ميروسلاف بارتا، رئيس قسم الأبحاث في أبوصير هذا الاكتشاف. مشيرا إلى أن الأبحاث لا تزال مستمرة ومن المحتمل التوصل إلى المزيد من الاكتشافات التي تلقي ضوءًا جديدًا على عائلة “بتاح شبسس” وحياته.

يرجح بارتا تاريخ المقبرة إلى عهد الملك “ني أوسر رع”، ويصف حياة “بتاح شبسس” بأنها تمثل الصعود الاجتماعي. ويقول لـ«باب مصر»: “بدأ حياته المهنية كمصفف شعر للفرعون وأخصائي تجميل الأظافر. وهو الدور الذي سمح له الوصول إلى أروقة السلطة. ولم يكتف بعمله فقط بل طمح لأن يصبح جزءا من العائلة المالكة”.

وتودد إلى الأميرة الملكية “خامات” وتزوجها وأصبح صهر الفرعون “أوسركاف”. ثم أصبح أعلى مسؤول في مصر وشغل منصب مسؤول العدالة، والشخص المسؤول عن جمع الضرائب. وتشير النقوش الموجود على مقبرته إلى حياته الطويلة التي امتدت في عهد ستة فراعنة. إذ مات عند سن 65 عاما وهو عمر غير مسبوق في عصره.

وتوافقت دراسات علماء الأنثروبولوجيا المصريين ونتائج تحليل المومياء مع سيرة “بتاح شبسس” الذاتية المدونة على الباب الزائف لمقبرته. وأوضحت عمره الكبير نسبيا عند وفاته. يوضح بارتا: “هذه الإشارة توضح أن بتاح شبسس هو أول مسؤول معروف من أصل غير ملكي في التاريخ وكان له شرف الزواج من ابنة ملكية”.

الباب الزائف لغرفة دفن بتاح شبسس في المتحف البريطاني
الباب الزائف لغرفة دفن بتاح شبسس في المتحف البريطاني
آثار بتاح شبسس في بلاد الإنجليز

تم اكتشاف هذه المقبرة على يد الباحث الفرنسي أوجست مارييت، منذ ما يقرب من 160 عام. حين رأى مارييت المقبرة نال الباب الضخم إعجابه، وحصل حينها الباب الضخم فوق مدخل المقبرة من مكانه. بالإضافة إلى العتبة العلوية التي توجد أعلى الباب والمعروفة باسم “ساكف”. وبعد فترة قصيرة من الاكتشاف اختفت المقبرة مرة أخرى تحت رمال الصحراء الغربية.

يتم عرض هذين الأثرين الاستثنائيين اليوم في المتحف البريطاني. يحتوي الباب على سيرة ذاتية فريدة من نوعها عن مسيرة “بتاح شبسس” الرسمية. وتحكي قصة تعليمه في بلاط آخر حكام الجيزة منكاورع وزواجه من ابنة أوسركاف – نجل منكاورع – الأميرة خامات. أوسركاف هو مؤسس الأسرة الخامسة لملوك الشمس.

يوجد على الباب إشارة إلى إحدى أقدم الشهادات للإله أوزوريس. وبهذا يُنسب إلى بتاح شبسس الرسمي الفضل في فكرة إدخال إله الحياة الآخرة المصري الشهير إلى البانثيون المصري – مجمع الآلهة من كل حضارة.

اقرأ أيضا:

يون فوسه لمترجمته المصرية: ضعوا علامات الترقيم بالطريقة التي تروق لكم!

للاشتراك في خدمة باب مصر البريدية اضغط على الرابط التالي:

Babmsr Newsletter

النشرة الإخبارية الشهرية
مشاركة
زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر