أصل “البيضة والحجر” في التاريخ والتراث

“يلعب بالبيضة والحجر”، لم تتوقف هذه العبارة عند كونها مثل شعبي موروث فقط، ففي الصعيد وتحديدًا محافظة قنا، ما زال الأطفال في بعض القرى يلعبون بالبيض الملون في أعياد الربيع وشم النسيم، حيث تسير قواعد اللعبة وفقا لقدرات الطفل الفائز على كسر بيضة واحدة دون أن يكسر الأخرى في أثناء صدام البيضتين.

كما أن البيض ارتبط عند المصريين بالعديد من الأعياد خاصة تزامنًا مع أعياد الربيع، وشم النسيم، وعدد من الأعياد المسيحية في شهر إبريل من كل عام، ووسط انتشار العديد من الروايات التي تعيد هذا الارتباط كونه عادة متوارثة من المصريين القدماء، ورواية أخرى تعود للتراث الأدبي الشعبي أبرزها المقولة الشعبية “اللعب بالبيضة والحجر”، مما يدعو لمحاولة الوصول لحقيقة هذا الارتباط.

البيضة والحجر في التراث الأدبي

يتبادر في الأذهان بمجرد ذكر المثل الشعبي “اللعب بالبيضة والحجر” فيلم الفنان أحمد ذكي الذي يحمل نفس الاسم وهو الأكثر تعبيرًا عن المثل، حيث يعد تجسيدًا قريبًا جدًا من المعنى المقصود، حسب ما ذكره الدكتور مصطفى جاد، وكيل المعهد العالي للفنون الشعبية، لـ”ثقافة وتراث“.

ويضيف الدكتور صلاح الراوي، رئيس قسم الأدب الشعبي بالمعهد العالي للفنون، أنه ليست بالضرورة لكل مثل شعبي قصة وتاريخ، ولكن المثل في العموم هو تعبير عن واقعة معينة أو حدث بعينه، ومثل “البيضة والحجر” نصف به الشخص الذي يمتلك مهارة عالية جدًا سلبية كانت أو إيجابية.

ويذكر الراوي، على سبيل المثال “فلان” شخص قادر على اللعب بالبيضة والحجر، وهما شيئين لا يلتقيان في الأصل، ويرادفه المثل “البيضة ما تلاطمش الحجر”، والذي يقال حال نصح الأمهات لبناتهن المتزوجات من أجل عدم الدخول في صدام مع أزواجهن، أو حالات النصح في حالات الخلاف الشخصي مع المدير أو المسؤول.

ويوضح رئيس قسم الأدب الشعبي بالمعهد العالي للفنون، أن العبارات الشعبية لابد من وضعها في الإطار الأوسع لها، لاستخداماتها المتعددة، مؤكدًا ليس جميع الأمثال لها أصل فرعوني، ومثل “يلعب بالبيضة والحجر” الغرض منه هو التعبير عن درجة من درجات الإحاطة من سلوك شخص ما، أو أنه يمتلك قدرة أو مهارة عالية، في حالة المدح لشخص في الإطار الخيّر، والتحذير من شخص له القدرة على الاحتيال أو الخداع في الإطار غير الخيّر.

هل المثل أصله فرعوني؟

من جانبه يذكر أحمد عامر، الباحث الأثري لـ”ولاد البلد”، أن هذا المثل يقال عن الشخص الذي يدعونه العامة «فهلوي»، لأن اللعب بالبيضة والحجر صعب جدا لاحتمال اصطدامهما، ولفظة “الحجر” قديمة من الهيروغليفية «حجل»، وقد استبدل حرف اللام بالراء مع تطور اللغة، مؤكدًا عدم وجود صلة بين المثل وألعاب الأطفال عند المصريين القدماء.

كما أن البيض عند الفراعنة كان يرمز إلى خلق الحياة من الجماد، وصورت بعض برديات منف الإله “بتاح” إله الخلق عند الفراعنة، وهو يجلس على الأرض على شكل البيضة التي شكلها من الجماد، ولذلك فإن تناول البيض فى مناسبات أعياد الربيع وشم النسيم يعتبر كأنه إحدى الشعائر المقدسة عند قدماء المصريين.

ولفت الباحث الأثري، أنه كان المصريون القدماء ينقشون على البيض دعواتهم وأمنياتهم للعام الجديد، ويضعون البيض في سلال من سعف النخيل يعلقونها في شرفات المنازل أو في أغصان الأشجار، لتحظى ببركات نور الإله عند شروقه فيحقق أمنياتهم.

 

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر